آخر تحديث :الأحد-24 أغسطس 2025-12:50ص
أخبار وتقارير


تحويل السيول من نقمة إلى نعمة: الحاجة إلى التخطيط السليم

تحويل السيول من نقمة إلى نعمة: الحاجة إلى التخطيط السليم
السبت - 23 أغسطس 2025 - 09:00 م بتوقيت عدن
-

مرت مناطق واسعة من اليمن بفترة جفاف خانقة عطشت الأرض وأرهقت المزارعين، حتى بدأ البعض يرفع صوته مطالبًا باللجوء إلى الاستمطار الاصطناعي كحل لمشكلة شح المياه. لكن إرادة الله سبحانه وتعالى سبقت كل شيء، فنزلت الأمطار بغزارة وجاءت السيول الطبيعية دون أجهزة أو تقنيات، لتؤكد أن خيرات السماء لا تحجب إذا شاء الله.


غير أن المفارقة المؤلمة أن هذه النعمة تحولت إلى نقمة، فبدل أن نستفيد من السيول في إنعاش الزراعة وتغذية خزانات المياه الجوفية وحماية الناس من العطش، تحولت إلى فيضانات جارفة أغرقت قرى ومنازل، جرفت أراضٍ زراعية خصبة، ودمرت قنوات الري، وأزهقت أرواحًا بريئة نتيجة التهور وسوء التعامل مع المخاطر.


*جدل الاستمطار الاصطناعي:*


السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كيف لو كان لدينا استمطار اصطناعي؟ هل كان سيغير من واقعنا؟ ربما كان سيمنحنا بعض المطر في أوقات الجفاف، لكن الحقيقة أن المشكلة ليست في قلة المطر بل في غياب الاستراتيجية الواضحة وفي بنية تحتية مغشوشة لم تصمد أمام أول اختبار. فما جدوى أن نجلب المطر اصطناعيًا إذا كنا عاجزين عن إدارة ما يسقط طبيعيًا من السماء؟


*خسائر لا تعوض:*


المشهد اليوم مؤلم، بدل أن ينصب الاهتمام على دعم المزارع وزيادة الإنتاج، أصبحنا نبحث عن تعويضات للمتضررين وعن تمويل لإصلاح ما تهدم من قنوات الري والأراضي الزراعية، بل ولجبر خواطر أسر فقدت أرواحًا وممتلكات. وبينما كان حديث الأمس عن مشاريع لتطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي، أصبح حديث اليوم عن إعادة البناء وجبر الخسائر.


*العبرة والدروس:*


إن دروس هذه الكارثة واضحة: المطر ليس هو المشكلة، والاستمطار الاصطناعي وحده ليس هو الحل. التخطيط السليم وبناء مشاريع حقيقية لحصاد مياه الأمطار وتشييد بنية تحتية قوية هو السبيل الوحيد لتحويل السيول من نقمة إلى نعمة. لقد آن الأوان أن ندرك أن السيول إذا لم نستفد منها ستظل سببًا لمآسٍ متكررة، بينما يمكن أن تكون موردًا استراتيجيًا ينقذ الإنسان والأرض معًا.


عبدالقادر السميطي، دلتا أبين.