بقلم: عبدالرقيب الشنبكي
في الخامس والعشرين من مايو، سطّرت الضالع ملحمة بطولية خالدة، أضاءت دروب الجنوب بنور النصر، وأعادت للأرض كرامتها وللشعب عزّته، في لحظة فارقة لم تكن بدايةً للمقاومة، بل تتويجًا لسنواتٍ من النضال والتضحيات، انطلقت منذ اجتياح 1994، وتبلورت في الحراك الجنوبي السلمي عام 2007، الذي أعاد تشكيل الوعي الجمعي الجنوبي، وهيّ الأرضية لانبعاث ثورة تحرير شاملة.
لقد جاء انتصار الضالع امتدادًا طبيعيًا لمسيرة نضالية طويلة، ومحصلةً لتراكم وطني واسع شاركت فيه كافة مناطق الجنوب من عدن وحضرموت رمز السيادة والعراقة، إلى الضالع ولحج وشبوة وأبين، وصولًا إلى سقطرى والمهرة، في وحدة جغرافية متماسكة وصمود وطني موحّد، جسّد الإرادة الجنوبية التي رفضت الذل، وقهرت العدوان، وسطّرت بدماء أبطالها خارطة التحرير.
في ذلك اليوم المجيد، لم تُهزم آلة الاحتلال فحسب، بل سقطت معها رهانات التبعية، وتحطّمت أوهام إخضاع الجنوب. كانت الضالع على موعد مع التاريخ، لا لتسجل نصرًا عسكريًا فحسب، بل لتفتح بوابة النصر أمام مشروع استقلالٍ وطني شامل، شق طريقه عبر دماء الشهداء، وصبر المقاومين، وحلم الأجيال.
لقد أثبت الخامس والعشرون من مايو أن المقاومة الجنوبية لم تكن لحظة غضب عابرة، بل كانت مشروعًا تحرريًا متكاملًا، صاغته ميادين الحراك، ورسمت معالمه التجمعات السلمية، وشحذته التعبئة الشعبية والإعلامية، حتى تجلّى في صورة المقاومة المسلحة، التي فرضت معادلتها على الأرض، وغيّرت مجرى الأحداث.
ولأن النصر لا يكتمل إلا بوحدتنا، فقد برهنت الأحداث أن الجنوب – بجميع محافظاته من عدن إلى المهرة، ومن حضرموت إلى سقطرى – جسد واحد، ومصير واحد، ومشروع وطني واحد، لا يقبل التجزئة ولا التراجع، مهما عظُمت التحديات أو اشتدت المؤامرات.
إن 25 مايو ليس مجرد مناسبة عابرة في تقويم الجنوب، بل هو رمز متجدد للعهد، وعنوان للكرامة، وإشارة على طريق الدولة القادمة.
تحية لعدن وحضرموت، وتحية للضالع ولحج وشبوة، ولأبين وسقطرى والمهرة، ولكل رقعة في جنوبنا الحر، شاركت في صناعة المجد، ورفعت راية التحرير.
وتحية لشعبنا الصابر، ولمقاومتنا الباسلة، ولشهدائنا الأبرار، ولقيادتنا الوطنية التي تمضي بشجاعة نحو المستقبل، لتعيد للجنوب دولته، وهويته، وسيادته المستحقة.
الجنوب ينتصر... والحرية تشرق من دماء الأبطال.