كتب/مشتاق ناصر:
كارثة السيول التي اجتاحت مدينة عدن اليوم، وتحديدًا في منطقة الحسوة، ليست حادثة عابرة، بل هي نتيجة مباشرة للفوضى العمرانية والفساد الإداري الذي استشرى في المدينة. فالحسوة، التي كانت تعتبر ممرًا طبيعيًا للسيول، تحولت إلى مطمع للنافذين الذين استغلوا غياب الدولة وضعف القانون لاقتسام الأراضي وبيعها، بدعم ورعاية أطراف في الشرعية والمجلس الانتقالي على حد سواء.
النتيجة كانت كارثية: أحياء كاملة غرقت في مياه السيول، والمواطنون البسطاء وجدوا أنفسهم ضحايا أخطاء لم يرتكبوها. والأخطر من ذلك أن العشوائية في البناء لم تؤثر فقط على المناطق التي شُيِّدت فوق مجرى السيل، بل انعكست على الأحياء النظامية أيضًا، إذ تغيّر مجرى السيل وارتد بقوة إلى أماكن لم تكن عرضةً للخطر من قبل.
ما حدث يوم السبت رسالة واضحة: الفساد العمراني أخطر من الحرب، لأنه يزرع كوارث تتكرر مع كل موسم أمطار. والحل يبدأ بإزالة البناء العشوائي من مجاري السيول، وإعادة تخطيط حضري صارم يمنع الاستثمار في مناطق الخطر، إلى جانب محاسبة كل من تلاعب بأرض عدن ومصير أهلها.
عدن ليست مجرد مدينة، بل روح وهوية، وإن لم نحافظ عليها اليوم، فلن يبقى غدًا ما نحافظ عليه. يجب على الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم ويعملوا على حماية المدينة من الكوارث التي تتهددها.
نطالب الجهات المعنية بمحاسبة كل من ساهم في هذه الكارثة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها في المستقبل. يجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية وعادلة لكل من تلاعب بأرواح الناس وممتلكاتهم.
يجب على الجميع العمل على إعادة إعمار المدينة بطريقة صحيحة ومنظمة، وعدم السماح بتكرار الأخطاء التي أدت إلى هذه الكارثة. يجب أن يكون هناك تخطيط حضري صارم يراعي مصالح المواطنين ويحمي المدينة من الكوارث.