شهدت مدينة عدن، صباح اليوم، فعالية إيمانية وروحية مميزة، تمثلت في يوم السرد القرآني الثاني، الذي نظّم ليوم واحد فقط في مسجد الجامعة، بمشاركة نحو 260 حافظ وحافظة من مختلف الأعمار والتخصصات. الفعالية أقيمت برعاية معالي وزير الأوقاف والإرشاد د. محمد عيضة شبيبة، وبتمويل كريم من الشيخ عبدالرحمن بانافع، في ظل أجواء من الطمأنينة، وتحسّن اقتصادي ملحوظ تعيشه المدينة.
وانطلقت الفعالية عند الساعة السادسة والنصف صباحًا، حيث دوّى أول صوت بالقرآن الكريم، إيذانًا ببدء السرد الكامل لكتاب الله من أوله إلى آخره، في أجواء غلب عليها الخشوع والتنافس الإيماني. وكان المشاركون قد فرغوا أنفسهم لهذا اليوم المبارك، يتناوبون على التلاوة في ترتيل متصل ومتتابع، في مشهد استثنائي حوّل المسجد إلى نهر من الأصوات القرآنية العذبة التي عانقت السماء.
تميز الحدث بمشاركة لافتة من أبناء عدن من جميع التخصصات والمجالات، منهم الأطباء، المهندسون، القضاة، الإعلاميون، التربويون، ربات البيوت، الطلاب، والمحامون، في لوحة تجسد التنوع والتعايش الذي تعرف به المدينة. وأكد المنظمون أن الفعالية جاءت لتعزز من مكانة القرآن ككتاب حياة للأمة جمعاء، لا يقتصر على فئة دون أخرى.
وبالرغم من قصر مدة الفعالية على يوم واحد، إلا أن الهمة العالية والتنظيم المحكم مكّنا المشاركين من ختم القرآن الكريم كاملاً خلال ساعات، وسط تنافس شريف، وروح جماعية خاشعة. وكان أول حافظ قد أتمّ الختم خلال ست ساعات، تلاه الآخرون تباعًا، ليكون ختام اليوم في مجلس جامع بعد صلاة العشاء، حيث اجتمع المشاركون في لحظة مؤثرة امتزجت فيها دموع الفرح والخشوع، وارتفعت فيها الأكف بالدعاء والشكر لله تعالى.
وقد حظيت هذه الفعالية بمشاركة وحضور شخصيات رسمية، حيث حضر الأستاذ الدكتور الخضر لصور رئيس جامعة عدن، والشيخ حسن الشيخ وكيل وزارة الأوقاف لقطاع التحفيظ، وأشادوا بمستوى الأداء والتنظيم، وأبدوا ارتياحهم بما شاهدوه من مشهد إيماني ورباني يتمثل في سرد القرآن الكريم كاملا في يوم واحد.
وتأتي هذه الفعالية في وقتٍ تشهد فيه عدن تحسناً في الوضع الاقتصادي، وانخفاضًا في أسعار السلع والعملات الأجنبية، ما أضفى طابعًا من الأمل والاستقرار على الحدث. وقد اعتُبرت المناسبة رسالة سلام وأمن، تُعزز من قيم التعايش والتلاحم في المدينة، وتؤكد أن القرآن الكريم ليس فقط نورًا للقلوب، بل جسرًا نحو السلام والاستقرار المجتمعي.
وأكد القائمون أن هذه المبادرة تُعد واحدة من الجهود القرآنية النوعية التي تسعى إلى إحياء روح القرآن في المجتمع العدني، وتُبرز عدن كمدينة حاضنة للعلم والدين والتنوع، مشيرين إلى أن استمرار مثل هذه الفعاليات هو دليل حيّ على أن الأمة بخير ما دام القرآن محفوظًا في صدور أبنائها.