في العرف الزراعي الأصيل، الذي تناقله المزارعون في دلتا أبين جيلًا بعد جيل هناك حكمة خالدة تقول:
الثمرة الطيبة لا تؤكل والسنبلة الممتلئة لا تُباع… بل تُحفظ لتكون بذرة الغد.
هذه القاعدة الذهبية ليست مجرد عادة تقليدية بل هي فلسفة زراعية عميقة تحمي المحاصيل وتحافظ على جودة الإنتاج لسنوات طويلة.
كيف يحافظ المزارع الأبيني على ثروته؟
عندما يتجول المزارع في حقله خاصة في موسم حصاد الحبوب مثل الذرة الرفيعة أو عند حصاد السمسم والفول السوداني لا يبحث فقط عن أفضل الثمار ليبيعها أو يستهلكها بل ينتقي بعناية تلك الثمرة أو السنبلة ذات الجودة العالية المكتنزة بالحبوب والمتميزة بالنضج المبكر والمقاومة للأمراض.
في هذا التصرف البسيط يكمن سر نجاح المزارعين القدامى في دلتا أبين فهم يدركون أن ما يأكله عجلك لك لكن ما تحتفظ به من بذور هو للمستقبل
لماذا هذا السلوك مهم اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
لأن الاعتماد على البذور المحلية التي تم اختيارها بعناية يضمن لنا محاصيل قادرة على التكيف مع مناخ دلتا أبين وتربتها.
لأن البذور المستوردة أحيانًا تكون غير مناسبة وتتطلب مدخلات زراعية مكلفة قد لا يتحملها المزارع البسيط.
لأن المزارع الذكي لا يترك مصيره بيد السوق بل يصنع مستقبله بيديه من خلال الحفاظ على بذوره.
*رسالة عاجله*
إلى كل المزارعين في كل مكان على هذه الأرض
اجعلوا من اختياركم للثمرات الجيدة عادة سنوية.
احتفظوا بأجمل سنابلكم وأطيب ثماركم فهذه البذور هي رصيدكم الزراعي الحقيقي.
تذكروا أن كل موسم زراعي هو فرصة لبناء بنك بذور خاص بكم، يحفظ الجودة ويحمي الإنتاج المحلي من التدهور.
*ختامًا* :
في زمن تتسارع فيه التغيرات المناخية وتغزو فيه البذور التجارية أسواقنا تزداد أهمية العودة إلى تقاليد الأجداد الذين علمونا أن الثمرة الجيدة لا تُؤكل بل تُزرع من جديد… فهكذا نصنع الأمن الغذائي وهكذا نحافظ على خيرات بلادنا
*عبدالقادر السميطي*
*دلتا أبين 5/7/25*
