كتب/جلال جميل محسن :
شهدت مدينة عدن في الآونة الأخيرة تدهورًا غير مسبوق في مختلف الخدمات الإنسانية، يفوق ما شهدته في الفترات السابقة، حتى باتت الأوضاع فيها تُنذر بكارثة حقيقية.
من انقطاعٍ تام للكهرباء، وتدهورٍ مستمر في سعر العملة المحلية، مما أدى إلى ارتفاعٍ جنوني في الأسعار، وتأخير الرواتب، جاءت استقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك لتفتح باب التساؤلات:
هل يكفي تغيير الأشخاص لإنقاذ واقع ينهار؟
تصريح خالد بحاح، رئيس الوزراء الأسبق، عبّر عن جوهر المشكلة بدقة.
قال إن التغيير الحقيقي لا يتم فقط بتبديل المناصب، بل بإصلاح منظومة إدارة الدولة والنهج العام، وإعادة إنعاش الشرعية واستشعارها للأمانة التاريخية.
فشعبٌ يعاني لا يمكن تهدئته بتدوير الكراسي، بل بإجراءات جذرية تعيد الثقة في مؤسسات الدولة مع المواطنين.
اليوم، ومع تعيين سالم بن بريك رئيسًا للوزراء، هناك فرصة يجب أن لا تُهدر.
فالمطلوب هو دعم وطني حقيقي لهذا التغيير، والتفاف شعبي وسياسي مسؤول، يمكّن الحكومة الجديدة من تخفيف معاناة الناس وتهدئة الشارع، وفتح باب الإصلاح الفعلي، بعيدًا عن المناكفات السياسية أو التدخلات الخارجية.
ولعل في استقالة بن مبارك رسالة بليغة...
لكل مسؤول، من أعلى قمة هرم السلطة إلى أدنى مفاصل القرار: إذا لم تستطيعوا خدمة هذا الشعب، ولم تتمكنوا من إصلاح المؤسسات، تنحّوا وقدموا استقالاتكم بشرف.
فالأوطان لا تُبنى بالتشبث بالمناصب، بل تُبنى بالإرادة، بالضمير، وبالقدرة على الفعل والتغيير.