في خضم الانهيار الخدمي والمعيشي الذي يعيشه الجنوب، يخرج الناشط السياسي عادل العبيدي بكشف صريح لطبيعة الخلافات بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ويفضح من خلالها حجم العبث بالمسؤولية العامة، والتوظيف السياسي الذي يمارس على حساب الشعب الجنوبي وقضيته الوطنية.
العليمي وبن مبارك في مرمى الاتهام: من خلافات السلطة إلى أزمات الجنوب
في الوقت الذي يعيش فيه الجنوب عامة والعاصمة عدن على وجه الخصوص ظروفًا إنسانية وخدمية بالغة القسوة، تتسع فجوة الثقة بين المواطن والسلطة بفعل ما وصفه الناشط السياسي عادل العبيدي بـ”فضيحة لا تُغتفر”؛ حيث حمّل صراحةً رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك مسؤولية تردي الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء، وغلاء أسعار الغذاء، وتصاعد الأزمات المعيشية. فهل أصبحت الخلافات الشخصية داخل هرم السلطة سببًا مباشرًا في تعذيب المواطنين؟ وهل تحوّلت مواقع المسؤولية إلى أدوات لتصفية الحسابات السياسية على حساب معاناة شعب بأكمله؟ ولماذا تُركت عدن والجنوب تتخبط في فوضى الخدمات وانهيار الاقتصاد دون تدخل حاسم؟ ثم، كيف ظهرت ملامح التوظيف السياسي لهذه الخلافات في مهاجمة المجلس الانتقالي الجنوبي؟ والأهم: ما الذي بقي من مشروعية بقاء هذه القيادات في مواقعها؟
انفجار الأزمة من القمة
يرى العبيدي أن الخلاف الشخصي الذي نشب بين العليمي وبن مبارك لم يبق في إطار السرية أو القنوات السياسية المغلقة، بل تحوّل إلى مادة إعلامية تتناقلها وسائل التواصل ووسائل الإعلام الرسمية، بل وبلغ حد الاعتراف العلني من الطرفين بحالة الصراع داخل مؤسسة الحكم. وهنا يتساءل: “بأي حق يعكس العليمي وبن مبارك خلافاتهم – أيا كان نوعها – في التلاعب بالمسؤولية العامة للأضرار بمصالح المواطنين وخدماتهم؟”
وبينما يعيش الجنوب انقطاعًا خانقًا للكهرباء، وارتفاعًا جنونيًا في أسعار المواد الغذائية، إلى جانب انكماش دور الحكومة في تلبية أبسط الخدمات، يضع العبيدي أصابع الاتهام مباشرة على هذه الخلافات بوصفها السبب الجذري للوضع الكارثي، معتبرًا أن هذا السلوك يستوجب “مطالبة الشعب الجنوبي بإقالة العليمي وبن مبارك من مناصبهم العامة”، لأنه لم يعد بالإمكان فصل الفشل التنفيذي عن التراخي السياسي المتعمد.
فضيحة مزدوجة وتخادم ضد الجنوب
ويذهب العبيدي إلى ما هو أبعد من الإدانة الإدارية، حين يصف ما يجري بأنه “تلاعب متعمد بالمسؤولية العامة”، منتقدًا تقاعس رئيس الحكومة عن أداء واجبه التنفيذي بحجة خلافه مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وهو ما أدى – بحسب قوله – إلى “معاناة متفاقمة في حياة المواطنين”، لاسيما وأن العليمي نفسه صرّح أنه لا سبيل لإصلاح الوضع إلا بإقالة رئيس الحكومة، ما يعني أن الطرفين يعترفان بفشل المنظومة كاملة.
لكن الأخطر في تحليل العبيدي لا يتوقف عند حدود تبادل اللوم أو العجز الحكومي، بل يتجه إلى تشريح الخلفية السياسية لتلك الخلافات، مشيرًا إلى أن كليهما – العليمي وبن مبارك – لا يمثلان “مطالب الشعب الجنوبي النضالية في استعادة دولة الجنوب المستقلة”، ما يثير – من وجهة نظره – الشكوك حول كون هذه الخلافات مصطنعة وموجّهة، بقصد “التوظيف السياسي ضد شعب الجنوب وقضيته وممثله النضالي والسياسي ( المجلس الانتقالي الجنوبي)”.
الحرب الدعائية: التضليل بدل الحلول
ويكشف العبيدي عن مظهر آخر لهذا التوظيف، يتمثل في موجة تقارير ومنشورات إعلامية صادرة عن جهات مرتبطة بتيارات العليمي وبن مبارك، تحاول حرف الأنظار عن فشل الحكومة عبر تحميل المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية الأزمات، في مفارقة صارخة. فبينما تتهم بعض الأصوات الانتقالي بعرقلة الاجتماعات الحكومية، تذهب أخرى إلى تحميله كامل المسؤولية عن الخدمات، متجاهلة أن الحكومة هي المعنية أولًا وأخيرًا بالخدمات والمعيشة، لا الكيان السياسي للجنوب الذي لا يمسك بزمام السلطة التنفيذية.
هذا التناقض، بحسب العبيدي، ليس عفويًا ولا بريئًا، بل هو امتداد “للتحالفات الانتقائية داخل منظومة الحكم” التي تسعى لاستخدام الجنوب كورقة ضغط أو وسيلة لتصفية الحسابات، على حساب معاناة الناس اليومية.
خاتمة: الفشل الذي لا يُبرر
من خلال تفكيك أقوال وتحليلات عادل العبيدي، تتضح صورة قاتمة عن الواقع السياسي والإداري في البلاد، حيث تحوّل الخلاف داخل السلطة إلى وقود لأزمات الناس، بل وإلى أداة هجوم إعلامي ضد ممثلهم السياسي. وإذا كان الشعب الجنوبي قد صبر كثيرًا على هذه المعاناة، فإن تحميل المسؤولية لم يعد أمرًا سياسيًا أو تنظيميًا، بل صار ضرورة أخلاقية ووطنية. فرحيل العليمي وبن مبارك لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل ضرورة لإنقاذ ما تبقى من كرامة المواطن وحقه في الحياة الكريمة.
هل يستمع أحد؟